أحبتي في الله! لن أطيل عليكم في هذه المقالة، فقط أحببت أن أبث
إليكم هذه النفحة الإعجازية الرائعة، فالمؤمن الذي يحب القرآن
يحب دائماً أن يحدث الآخرين عما يحب: عن عجائبه وأسراره والأشياء
المذهلة فيه، وإذا ما تحدث عنه أحد بسوء تجده يغار على "حبيبه"
ويدافع عنه وهذا ما يدعوني دائماً للاستمرار في هذه المقالات.
فالمشككون لم يتركوا كلمة في كتاب الله إلا وانتقدوها بغير حق،
لم يتركوا حقيقة علمية إلا وحاولوا أن يثبتوا خطأها، ولكن هيهات
أن يفعلوا ذلك، ومن الأشياء التي خرجوا بها علينا أن القرآن قد
أخطأ علمياً في استخدام كلمة (يجري) بالنسبة للشمس والقمر،
والأدق علمياً كما يقولون أن يستخدم كلمة (يدور) لأن القمر يدور
حول الأرض والشمس تدور حول مركز المجرة.
لنتأمل أولاً كيف عبر القرآن عن حركة الشمس، يقول تعالى:
(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ
الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [يس: 38]. والآن لنذهب إلى علماء الغرب
أنفسهم والذين لم يؤمنوا بالقرآن، ماذا يقولون؟ إن ظاهرة حركة
الشمس لفتت انتباه أحد العلماء ففكر أن يدرس المسار الحقيقي
للشمس فيما لو نظرنا إليه من خارج المجرة، وبالطبع الشمس هي نجم
في مجرتنا التي تحوي أكثر من 100000000000 نجم!!
إن حركة الشمس كانت لغزاً محيراً لآلاف السنين، فطالما نظر الناس
إلى الأرض على أنها ثابتة وأن الشمس تدور حولها، ولكن تبين فيما
بعد أن هذا الاعتقاد خاطئ، والسبب في ذلك هو ببساطة أن حجم الشمس
أكبر من حجم الأرض بمليون مرة، وبالتالي لا يمكن للأرض أن تجذب
الشمس إليها بل العكس هو الصحيح.
فالشمس وبسبب وزنها الكبير تجذب جميع الكواكب إليها تماماً كما
تجذب الأرض القمر الذي هو أصغر من الأرض بكثير، ولذلك أيقن
العلماء في مطلع القرن السابع عشر أن الشمس ثابتة والأرض تدور
حولها! ولكن هل هذه هي الحقيقة كاملة؟
لقد اكتشفوا في القرن التاسع عشر أن هذه الشمس تنجذب باتجاه مركز
مجرتنا (درب التبانة)، بل وتدور حوله بشكل دقيق ومحسوب. فقالوا
إن الشمس تدور حول مركز المجرة، ولكن بعد ذلك في القرن العشرين
وجدوا أن للشمس حركة أخرى صعوداً وهبوطاً، لقد أصبح الأمر أكثر
تعقيداً.
لقد قام أحد العلماء بدراسة حركة الشمس باستخدام السوبر كمبيوتر
لمعرفة المسار الدقيق الذي ترسمه الشمس أثناء دورانها حول مركز
المجرة. وقد وجد هذا العالم أن الشمس لا تدور دوراناً بل تجري
جرياناً حقيقياً!! وأن جريانها يشبه جريان الخيل في حلبة السباق!
لقد وجد العلماء أن للشمس حركتين داخل المجرة: الأولى حركة
دورانية حول مركز المجرة، والثانية حركة اهتزازية للأعلى
وللأسفل، ولذلك فإن الشمس تبدو وكأنها تصعد وتنزل وتتقدم للأمام!
وتتم الشمس دورة كاملة حول مركز المجرة خلال 250 مليون سنة!
ويستغرق صعود الشمس وهبوطها بحدود 60 مليون سنة، وهكذا تصعد
وتهبط وتتقدم مثل إنسان يجري.
أيها الأحبة لقد قمتُ بدراسة حركة جريان الخيول في السباق بهدف
رؤية المسار الحقيقي لجريان هذه الخيول وقد وجدتُ أن المنحني
الذي يرسمه الحصان في جريانه يتطابق مع ذلك المنحني الذي ترسمه
الشمس في جريانها! هل هذه مصادفة؟!
ولذلك فليس غريباً أن يعبر القرآن عن حركة الشمس بكلمة (تجري)
لأن الله تعالى يحدثنا عن الحقائق وهو يراها من أعلى! وليس
غريباً كذلك أن نجد بعض الملحدين يحاولون التشكيك في صحة هذا
القرآن، فهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنه الحق، وهذا ما صوَّره
لنا القرآن عندما أنكر فرعون آيات الله ومعجزاته وهم يعلمون أنها
الحق، فكيف كانت عاقبتهم؟ تأملوا معي قول الحق تبارك وتعالى:
(فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا
سِحْرٌ مُبِينٌ * وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا
أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) [النمل: 13-14].
وأقول يا أحبتي إن القرآن فعلاً كتاب رائع، إنك تجد فيه ما تريد،
وتجد فيه الرد المناسب للمعترضين عليه، إذا أردت أن تزداد
إيماناً فمعجزات القرآن كفيلة بزيادة إيمانك، وإذا أردت أن تكون
سعيداً في هذه الدنيا فالقرآن يضمن لك السعادة في الدنيا
والآخرة، فما أجمل هذا القرآن وما أعظم كلماته، في كل كلمة تجد
معجزة تستحق الوقوف طويلاً، اللهم انفعنا بهذه الحقائق، واجعلها
حجة لنا في ظلمات هذا العصر!
ــــــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
بعض المراجع
1- Galactic Drift and Mass Extinction, Astrophysical Journa.
2- Rohde and Muller, “Cycles in fossil diversity,” Nature 434
(10 March 2005), pp. 208-210
3- The Galactic Environment of the Sun, American Scientist,
1-2, 2000.
4- The Sun. NASA.