تكملة ..
الرؤيا الثانيـة :
«وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا » .
1- التوكيد بأداة التوكيد : ان والرائي اسمها.
2- فعل الرؤيا مضارع :أراني + أعصر فعل مضارع آخر.
3- أثر الرؤيا : أعصر خمراً.
4- التأويل في السجن ـ يسقي ربه خمراً.
5- الثابت في التأويل الخمر = الخمر.
الرؤيا الثالثة :
« وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ» .
1- التوكيد بأداة التوكيد : ان والرائي اسمها.
2- فعل الرؤيا مضارع :أراني + أحمل فعل مضارع آخر.
3- أثر الرؤيا : أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه.
4- التأويل في السجن : يصلب فتأكل الطير منه.
5- الثابت في التأويل : الطير والأكل.
الرؤيا الرابعة :
« وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ» .
1- التوكيد بأداة التوكيد : ان والرائي اسمها.
2- فعل الرؤيا مضارع :أرى.
3- أثر الرؤيا : سبع بقرات سمان : سبع سنوات خصبة سبع سنبلات خضر.
4- التأويل :« قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ » .
5- الثابت : الرقم 7.
سبع بقرات سمان يأكلهن سبع سمان
* *
سبع سنبلات خضر سبع سنبلات يابسات
تقدمت السمنة والخضرة في التركيب.
وتأخرت العجاف واليبوسة في التركيب.
الكيــــــد
يعني الكيد في اللغة« الخبث والمكر... والكيد الاحتيال والاجتهاد » بمعنى أنَّ الكيد إخفاء ما يضمر الإنسان للأخر من فعل ، وينصرف الكيد أساساً إلى فعل الشر في الغالب ، وأكد هذا المعنى المفسر الطاهر بن عاشور في قوله : إنَّ الكيد« يرادف المكر والحيلة... إنَّ الكيد أخص من الاحتيال وما ذلك إلاّ لأنه غلب استعماله في الاحتيال على تحصيل ما لو اطلع عليه المكيد لاحترز منه فهو احتيال فيه مضرة ما على المفعول به» ومن ثم فإنَّ الكيد« فعل شيء في صورة غير المقصودة للتوصل إلى مقصود » وفي سورة يوسف ثلاثة أنماط من الكيد ، وهي على النحو التالي :
1 ـ الكيد الأول : كيد أخوة يوسف ، وهو كيد شر.
2 ـ الكيد الثاني : كيد امرأة العزيز ، وهو كيد شر.
3 ـ الكيد الثالث : كيد يوسف لاخوته ، وهو كيد خير.
الكيد الأول :
ولا ريب أنَّ لكل كيد دوافعه ، وتكمن دوافع الكيد لدى أخوة يوسف في الوهم في الإحساس بالتمايز بين الأبناء ، إذ توهم أخوة يوسف أنَّ يعقوب عليه السلام كان يمايز بينهم وبين يوسف وأخيه. قال تعالى : « إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ » .
ولقد مر كيد أخوة يوسف بمراحل متعددة يكتنفها الإخفاء والإظهار على النحو التالي :
1 ـ التخطيـــط :
وفيه يخطط أخوة يوسف للتخلص من يوسف ، ويظهر أنَّ قضية التخلص من يوسف يعد أمرا مفروغاً منه ، ولكنهم اختلفوا أول الأمر في الكيفية التي يتم فيها التخلص من يوسف ، ثم استقر رأيهم بعد ذلك على قرار واحد.
إنَّ البدائل المطروحة للتخلص من يوسف تنحصر في :
1ـ قتل يوسف.
2 ـ طرحه أرضا.
3 ـ إلقاؤه في غيابة الجب.
والهدف من ذلك تحقيق الغاية التي تزيل دوافع الكيد ، وهي الانفراد بمحبة الأب. وصلاح حالهم في قوله تعالى« اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوْ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ » ، ويبدوا أنَّ أثر الدوافع كان قوياً وعنيفاً في نفوس أخوة يوسف ، ومما يدل على ذلك البدائل المطروحة ، القتل ، والطرح في الأرض ، ومن ثم الإلقاء في غياية الجب ، ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أنَّ « القتل » كان البديل الأول المطروح.
وكان التركيب اللغوي يعبر عن حركية الحدث ، إذ تتكون الآية الكريمة من مجموعة من الجمل الفعلية القصيرة المتلاحقة ،« اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوْ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ، قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ» .
2 ـ التنفيـــذ :
ويلحق التخطيط التنفيذ ، وهو الاحتيال في استدراج يوسف إلى تنفيذ الكيد ، ويتم ذلك عبر حلقين:
( أ ) ما قبل الإلقاء في الجب :
ويشتمل على إظهار الحرص والمحبة والنصح ليوسف ، وإضمار وإخفاء الحقد عليه قال تعالى :« قَالُوا يَاأَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ، أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ، قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ، قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ » .
( ب ) ما بعد الإلقاء في الجب :
ويشتمل على إظهار الحزن والبكاء على يوسف ، وإخفاء السرور ، قال تعالى «وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ » .
3 ـ الاتهــــام :
ويشتمل كيد اخوة يوسف على اتهام الذئب بقتل يوسف ، قال تعالى :« قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ » .
4 ـ الدليــــل :
وهو القميص ، الذي لطخه اخوة يوسف بدم كذب.« ووَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ» .
إنَّ كيد أخوة يوسف يكتنفه الإخفاء والإظهار ، فالتخطيط والتنفيذ والاتهام والتدليل كلها تمثل ظاهراً لا يمثل الحقيقة ، وتحيل إلى باطن يمثل الحقيقة. التي تمثل الوجه الأخر ، كما أنَّ إلقاء يوسف في الجب يشتمل في الوقت نفسه على إخفاء يوسف ، غير أنَّ إخراج يوسف من الجب يمثل إظهارا ، وكأنَّ حياة يوسف تمر بمراحل متعددة فما ان يخرج من كيد ، حتى يدخل في كيد آخر، إخفاء وإظهار بكيفيات متعددة.
الإظهار = إخراج يوسف من الجب
وتتجلى مظاهر الإخفاء والإظهار على مستوى التركيب اللغوي على النحو التالي:
الخفي الظاهر
لا تأمنا تأمنا
غير ناصحين ناصحون
غير حافظين حافظون
غير غافلين غافلون
غير خاسرين خاسرون
غير صادقين صادقون
لا يكون يكون
غير صالحين صالحون
لا يخلو يخلو لكم وجه أبيكم
ومن الجدير بالذكر أنَّ الكيد وتنفيذه يقودان يوسف من مرحلة إلى أخرى ، وكأنه ينتقل من كيد إلى كيد آخر.
الكيد الثاني :
أما الكيد الثاني فإنه يلتقي مع الكيد الأول في كونه كيد شر ، وإذا كان اخوة يوسف قد خططوا للتخلص منه وإبعاده عنهم ، فإنَّ امرأة العزيز قد خططت هي الأخرى من أجل التواصل مع يوسف ، كما أنَّ هذا الكيد تبعث على تحقيقه دوافع امرأة العزيز وهي دوافع الإعجاب والانبهار بشخصية يوسف وكمال جماله.
ويتم تحقيق الكيد وفق المراحل التالية :
1 ـ التخطيـــط :
بمعنى أنَّ امرأة العزيز قد خططت لتحقيق التواصل مع يوسف ، ويدل على ذلك عملية التنفيذ التي عرض لها القرآن الكريم.
2 ـ التنفيــــذ :
إن تنفيذ الكيد الأول لا يشترط في تحقيقه رغبة الكائد والذي وقع عليه الكيد ، ولذلك تمكن اخوة يوسف من إلقاء يوسف في الجب. أما مع امرأة العزيز فإنَّ تنفيذ الكيد لا يتحقق تماماً إلا بتوافق رغبة امرأة العزيز ورغبة يوسف عليه السلام. ولذلك كان الطرف الفاعل في هذه القضية المرأة ، والذي يقع عليه الفعل هو يوسف ، الذي يعيق تحقيق هذه الرغبة بالامتناع. قال تعالى :« وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتْ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ» .
ويظهر أنَّ المراودة قد شابها قدر من امتلاك الأخر بالقهر ، بدليل تخلص يوسف باستباقها إلى الباب« وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ» .
3 ـ الاتهـــام :
وكما أنَّ كيد اخوة يوسف قد اشتمل على إزاحة التهمة عن الجاني إلى غيره ، أي إزاحة تهمة الإخفاء من اخوة يوسف إلى الذئب ، فإنَّ امرأة العزيز تزيح تهمة المراودة عن نفسها وتسقطها على يوسف نفسه ، «قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ » .
4 ـ الدليـــــل :
لقد كان قميص يوسف عليه السلام دليلاً في كيد أخوة يوسف ، حين لطخوا القميص بدم كذب ، واتهموا الذئب في قتله ، وفي هذا الكيد يتحول قميص يوسف المقدود إلى دليل براءة يوسف ، وعلى الرغم من أنَّ قميص يوسف في الكيد الأول يستخدم دليلاً بالدم دون إشارة إلى تمزيقه ، لأنَّ الآية القرآنية لم تعرض لتمزيق القميص ، فإنَّ القميص في كيد امرأة العزيز يكون مقدوداً ، ويتحدد تمزيقه من الخلف لتأكيد براءة يوسف. « قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنْ الْكَاذِبِينَ » .
إنَّ كيد امرأة العزيز تكتنفه هو الأخر أبعاد الإخفاء والإظهار،فإنَّ التخطيط والتنفيذ والاتهام كلها تظهر شيئاً ، وتخفي خلافه.
له بقية